الإتربي: الدولة المصرية تحرص على دمج الاستدامة البينية في الخطط التنموية

الجمعة 17 مارس 2023 | 01:36 مساءً
محمد الإتربي
محمد الإتربي

قال محمد الإتربي رئيس مجلس إدارة اتحاد بنوك مصر، خلال افتتاح منتدى الاستدامة والتمويل المستدام، أن التمويل المستدام يستلزم تبادل الرؤى والأفكار حول سبل تعزيز العمل المشترك على الصعيد العربي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وافتتح اليوم في بفندق بارك ريجنسي اليوم، الجمعة، بمدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء، منتدى الإستدامة والتمويل المستدام اتحاد المصارف العربية، من تنظيم اتحاد المصارف العربية برئاسة محمد الإتربي رئيس اتحاد بنوك مصر ورئيس بنك مصر.

وأكد الإتربي، خلال سياق كلمته اليوم الجمعة، أن استمرار التعافي من جانحة كورونا والآثار الاقتصادية المترتبة على توترات الأزمة في أوكرانيا، والتي أثرت سلبا على مكتسبات التعاقي، تؤكد على حتمية التعامل مع الإشكالية الرئيسية التي تقف حائلا أمام تحقيق أجندة 2030 : وهي التمويل المستدام لأهداف التنمية المستدامة.

عمق الفجوة التمويلية لأهداف التنمية المستدامة في الدول النامية

وأضاف، إن عمق الفجوة التمويلية لأهداف التنمية المستدامة في الدول النامية يتراوح بين 3.3 إلى 7 تريليون دولار سنويًا، وقد أضيف عليها نحو 2.5 تريليون دولار عام 2020 نتيجة لتداعيات جانحة كورونا، وهو ما يؤثر سلبا في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.

الإتربي: الدولة المصرية تحرص على دمج الاستدامة البينية في الخطط التنموية

وأوضح الإتربي، وفي إطار حرص الدولة المصرية على دمج الاستدامة البينية في الخطط التنموية، فقد كثفت الدولة من حجم الاستثمارات في المشروعات الخضراء خلال خطة 2022/2023 وفي مجال التحسين البيني، بمراعاة البعد البيئي على النحو الذي يساعد في الحد من التلوث وتحسين جودة الهواء من خلال تقليل انبعاثات الكربون الضارة، ومن المستهدف أن تصل تكلفة المشروعات الخضراء في خطة الحكومة المصرية (22/2023) إلى 336 مليار جنيه في العديد من القطاعات مثل النقل، والكهرباء، والري، والإسكان لتبلغ نسبة الاستثمارات العامة الخضراء 40 % ، من جملة الاستثمارات العامة، مع استهداف الوصول لنسبة ٥٠% بنهاية عام 2024-2025.

مصر أول دولة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا تصدر السندات الخضراء

وتعد مصر أول دولة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، تصدر السندات الخضراء وهي إحدى صور التمويل -الأخضر لتمويل المشروعات المستدامة المتعلقة بالبيئة والمناخ في العديد من القطاعات، مثل مشاريع الطاقة النظيفة، والنقل الذكي وتحلية مياه البحر، والصرف الصحي، وغيرها من المشروعات التي تدعم التحول الأخضر ومكافحة التغير المناخي، وقد كانت مصر من أوائل الدول التي وقعت على كافة الاتفاقيات الخاصة بالمناخ من بينها اتفاقية "كيوتو" و "باريس"، كما اتخذت مصر خطوات جادة أخرى في هذا الصدد مثل إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التغير المناخي، والمجلس الوطني لمحاربة التغير المناخي ، فضلا عن التحول في استراتيجيتها إلى المشروعات المتعلقة بمحاربة تغير المناخ وآثاره، سواء للاتجاه إلى المشروعات صديقة البيئة، أو مشروعات تقلل من الانبعاثات.

وأكمل رئيس اتحاد بنوك مصر، إن التوجه نحو التمويل المستدام يعد من أولويات القطاع المصرفي ، وهو يعزز الالتزام بدعم التوجه الوطني لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ، وذلك في إطار الجهود المبذولة لبناء وزيادة القدرات على مواجهة التحديات البيلية والاجتماعية . ولاشك في أن التمويل المستدام يسهم في دعم الاستقرار المالي والمصرفي.

التمويل المستدام يستهدف الخدمات المصرفية التي تراعي العناصر البيئية والاجتماعية 

ويستهدف التمويل المستدام الخدمات المصرفية التي تراعي العناصر البيئية والاجتماعية والحوكمة في قرارات البنك لدى منح الائتمان أو قراراته الاستثمارية وذلك لتحقيق منفعة مستدامة والتنمية لكافة الأطراف المعنية والمجتمع ككل ، كما أن التمويل المستدام من شأنه أن يُساعد في تقديم حلول مالية ومنتجات مصرفية جديدة ومبتكرة، وفتح مجالات وأسواق جديدة للتمويل مما يساهم في تحقيق المزيدمن الأرباح، وخفض فرص التعثر وبالتالي الحفاظ على جودة محفظة البنك، وتحسين سمعة البنوك محلياً ودولياً.

وأضاف الإتربي، إن دمج معايير الاستدامة في المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية يشير إلى تحولات جوهرية في الإفصاحات المالية، ويصحح أوجه قصور في النظم المحاسبية السائدة التي طالما تجاهلت التكلفة البيئية والمجتمعية الناتجة عن نشاط المؤسسات ولاشك في أن ذلك يدل على أن مفهوم الاستدامة يشهد صعوداً في الأهمية، والانتقال من كونه مادة لإعداد التقارير إلى كونه مكون أساسي من الإفصاح المالي للمؤسسات وفي ذات السياق فإن الإفصاحات المالية تشهد تطوراً من التركيز على تحقيق الربح Profit Makingفقط إلى خلق القيمة Value Creation، بحيث يعتمد تقييم أداء المؤسسة ليس فقط على ما تحققه من أرباح مادية، ولكن على الأبعاد البيئية والمجتمعية وتلك الخاصة بالحوكمة التي أصبحت جميعها مكونات أساسية لضمان قدرة المؤسسة على استدامة الربحية والنمو، ولاشك في أن تلك المعايير تتطلب تحول جذري في سياسات واستراتيجيات المؤسسات المصرفية والشركات.

القطاع المصرفي يعد ضمن أهم القطاعات التي تدعم جهود التنمية المستدامة

وأكمل، إن القطاع المصرفي يعد ضمن أهم القطاعات التي تدعم جهود التنمية المستدامة، وذلك من خلال العمل على توجيه التمويل إلى أنشطة اقتصادية أكثر استدامة، ودمج العناصر البيئية والاجتماعية وقواعد الحوكمة، بما يؤثر بالإيجاب على أداء المؤسسات وتقليل نسب المخاطر، فضلا عن كونه عاملا هاما لجذب الاستثمارات الأجنبية.

وفي سياق الإهتمام المتزايد بأنشطة التمويل المستدام على الساحة المصرفية العالمية وإتساقاً مع رؤية مصر 2030 في هذا الشأن ، وبالتنسيق مع البنكالمركزي المصري فقد قام إتحاد بنوك مصر بإنشاء لجنة التمويل المستدام لتكون إحدى اللجان الدائمة بالإتحاد بهدف تفعيل دور الإتحاد في المساهمة في وضع مصر علي خريطة الدول الرائدة في مجال التمويل المستدام الذي يتيح فرص واعدة لنمو المؤسسات المالية وبما يوفره من آفاق جديدة للتوسع، وتحقيق نمو من خلال تمويل مشروعات الطاقة النظيفة والترشيد الأمثل لاستخدام الطاقة مع العمل على فتح آفاق للتعاون مع المؤسسات الدولية المتخصصة في هذا الشأن.

تشكيل مجموعات عمل من المتخصصين في مجال التمويل بالبنوك

وقد قامت اللجنة بتشكيل مجموعات عمل من المتخصصين في مجال التمويل بالبنوك طبقا لمعايير محددة تضمن توافر خبرة عملية بتخصصات تساهم في تفعيل هدف اللجنة عمليا وتطبيقيا ومنها إدارة المخاطر الإجتماعية والبيئية ، وإعداد التقارير المالية والإفصاح عن الإستدامة، والإلمام بمبادئ وسياسات الحوكمة والاستدامة وغير ذلك ، كما نجحت اللجنة في التنسيق مع مؤسسة التمويل الدولية ‏IFCلعقد ورش عمل للمختصين بالبنوك :حول استراتيجية التمويل المستدام والتدريب على نظام الإدارة البيئية والاجتماعية Sustainable Finance Strategy‏ ‏and ESMS Training والذي جاء في إطار الإعداد المؤتمر COP27.‏

وفي ضوء توجيهات البنك المركزي المصري بشأن قيام البنوك بإصدار تقارير البصمة الكربونية لمراكزها الرئيسية فقد قامت لجنة التمويل المستدام بالإتحاد بالتعاون مع البنوك في هذ الشأن كما تم موافاة البنوك ببيانات الجهات المتخصصة والتي تقدم خدمات استشارية في هذا المجال في حالة رغبة البنوك في التعاون معها ، وقد تم الإعلان خلال مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ 27 COPفي دورته السابعة والعشرين الذي إستضافته مصر في الفترة من ٦-١٨ نوفمبر ۲۰۲۲ بشرم الشيخ عن إنتهاء كافة البنوك المصرية من قياس البصمة الكربونية لمبانيها الرئيسية وذلك إتساقاً مع توجهات الدولة والبنك المركزي المصري نحو التحول إلى تطبيقات الاقتصاد الأخضر والحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية وتحقيق التنمية المستدامة وفقاً لرؤية مصر 2023.

وقد شارك إتحاد بنوك مصر في مؤتمر COP27من خلال فريق عمل نجح في تيسير مشاركة البنوك في جناح الأعمال المصري بالتنسيق مع إدارة الإستدامة بالبنك المركزي المصري بما يتيح إلقاء الضوء على التجارب الوطنية وجهود القطاع المصرفي في مواجهة التغيرات المناخية وتحقيق الاستدامة.

لقد نجحت البنوك المصرية في تعبئة الموارد المالية وقامت بتمويل مشروعات التنمية المستدامة مصر من خلال اكتشاف فرص استثمارية جديدة ورفع كفاءة توجيه الاستثمارات وفقًا للأولويات التي تفرضها المتغيرات المتسارعة الحالية وتبني العديد من الآليات والبرامج التمويلية المختلفة، فضلا عن طرح البدائل التمويلية والحلول المبتكرة لتمويل التنمية.

نأمل في نجاح المنتدى في المساهمة في تحديد الأولويات التي يمكن أن تساعد البنوك في الوطن العربي على تحقيق أهدافها الإنمائية مع تدعيم قدرتها على الصمود في مواجهة الصدمات المناخية، واستكشاف أفضل السبل التي يمكن اتباعها للتوفيق بين ما لدى القطاعات المصرفية من طموحات وما تواجهه من تحديات هيكلية وبين الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات أقوى للتصدي لمخاطر تغير المناخ وآثاره

وختاما أود أن أتقدم بجزيل الشكر لاتحاد المصارف العربية لجهوده في عقد هذا المنتدى مع خالص أمنياتي لكم بقضاء وقت مفيد وممتع في شرم الشيخ.