كلمة وسام فتوح في افتتاح «مؤتمر مستقبل المشروعات الصغيرة والمتوسطة - رؤية 2030»
انطلق بداية من اليوم الأحد وحتى الثلاثاء، مؤتمرًا تحت عنوان "مستقبل المشروعات الصغيرة والمتوسطة: رؤية 2030 ، حيث أعلن وسام فتوح الأمين العام لاتحاد المصارف العربية ، أن اتحاد المصارف العربية وبالتعاون مع البنك المركزي المصري، وجامعة الدول العربية، ووزارة التجارة والصناعة، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، واتحاد بنوك مصر، وجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وبرعاية من محافـظ البنـك المركـزي المصـري، طـارق عامـر، عن انعقاد المؤتمر في فندق سونستا سان جورج الاقصر/ جمهورية مصر العربية.
ويشارك في المؤتمر أكثر من 280 مشاركًا من قيادات القطاع المصرفي والهيئات والشركات المتخصصة العربية فى مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة من 15 دولة عربية ودولية (مصر، لبنان، السعودية، الكويت، اليمن، سلطنة عمان، ليبيا، الجزائر، العراق، تونس، السودان، سوريا، الاردن، ايطاليا، فرنسا).
نص كلمة وسام فتوح في حفل افتتاح المؤتمر كالآتي
معالي الأستاذ طارق عامر - محافظ البنك المركزي المصري
معالي المستشار مصطفى محمد الهم – محافظ الأقصر
سعادة الأستاذ محمد الأتربي – رئيس مجلس إدارة إتحاد بنوك مصر
سعادة الدكتور إسماعيل عبد العفار – رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري
أصحاب المعالي والسيادة والسعادة كلّ بإسمه وصفته،
أيّها الحضور الكريم، أسعد الله صباحكم بكلّ خير،،،
يُسعدني بداية أن أتوجّه إلى معالي الأستاذ طارق عامر، بخالص الشكر والتقدير على رعايته فعاليات هذا المؤتمر، وعلى ثقته الغالية بالإتحاد وحرصه على تعزيز التعاون بين الإتحاد ومصارفنا المصرية الكريمة التي نتقدّم منها بجزيل الشكر على دعمها الدائم ومشاركتها الفاعلة في فعاليات وأنشطة الإتحاد، والشكر موصول إلى معالي المستشار مصطفى محمد الهم – محافظ الأقصر هذه المدينة العريقة التي أصبحت منارة ومنبرًا لإستقطاب الباحثين عن العلم والمعرفة.
كما أتقدّم بالشكر إلى سعادة الدكتور إسماعيل عبد الغفار، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري على تشريفنا بحضوره ومشاركته، وإلى الأخ الفاضل الأستاذ محمد الأتربي، رئيس مجلس إدارة إتحاد بنوك مصر، على كل ما يقدّم من دعم ومساندة لتعزيز التعاون مع مصارفنا المصرية، وعلى توجيهاته التي تساهم دائماً في تفعيل دور إتحاد المصارف العربية في تطوير المهنة المصرفية العربية.
ويُسعدني أن أرحّب كل الترحيب بضيوفنا من مصر وسائر الدول العربية، وبالسادة الخبراء والمتحدثين الذين سيشاركونا أفكارهم وخبراتهم في هذا المؤتمر الهام.
المشروعات الصغيرة والمتوسطة تشكّل العمود الفقري للإقتصاد العربي
لقد أصبح لدى الشعوب والحكومات والمؤسسات المصرفية وعيًا كافيًا بأن تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة تشكّل العمود الفقري للإقتصاد العربي، وتلعب دورًا مهمًا في تحفيز النموّ الإقتصادي وخلق فرص العمل والتشغيل، كما تلعب دورًا هامًا في التخفيف من وطأة الفقر، وتساهم في خفض البطالة، خصوصًا بين الشباب، حيث قدّر البنك الدولي في آخر تقرير له، أنّ هذه المشروعات التي تعمل في القطاع الرسمي تساهم بنحو 60% من إجمالي العمالة، وحوالي 40% من الدخل القومي في الإقتصادات الناشئة. كما تساهم في خلق 4 من بين كل 5 فرص عمل جديدة في القطاع الرسمي، وترتفع هذه النسب بشكل ملحوظ عند إحتساب مساهمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في القطاع غير الرسمي.
من جهة ثانية، فقد أثبتت التجربة في دول العالم ومن بينها الدول العربية، أنّ المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة هي أكثر قدرة على الصمود في مواجهة المتغيرات والأزمات والتقلّبات الاقتصادية في المشروعات الكبيرة، لذلك، فإننا نؤكّد بأنّ النهوض بهذا القطاع وتفعيل دوره التنموي بصفة عامة ودوره في إيجاد فرص عمل بصفة خاصة، يجب أن يكون هدفاً محوريًا وأساسيًا في الدول العربية نظرًا لأهميته في مكافحة البطالة التي وصلت نسبتها في عالمنا العربي، إلى 10% وتخطت الـ 28% بين الشباب العربي، إضافة إلى أنّ النهوض بهذا القطاع يساهم في زيادة القيمة المضافة الصناعية، وتحصين منافسة القطاع الإنتاجي، وتعزيز جهود الإبتكار وتنويع الاقتصاد، مع الإشارة إلى أنّ الشركات الناشئة في المنطقة العربية تشهد نمواً متزايداً في القطاعين العام والخاص.
وبناء على الجهود الدائمة في متابعة مسألة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة التي قام بها إتحاد المصارف العربية على مدى السنوات السابقة، وسعيه الدائم لتطوير هذه المشروعات، وجدنا أنّه على الدول العربية إتخاذ العديد من التدابير الهادفة إلى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، من خلال إنشاء صناديق تمويل، وسجلات إئتمانية، وتوفير القروض المدعومة والقروض المضمونة، وبناء ورفع القدرات الفنية والبشرية، وتسهيل إجراءات التسجيل والترخيص، وتطوير آليات ضمان القروض، وغيرها من الإجراءات.
وفي هذا المجال لا بدّ من مواجهة العديد من التحديات التي تواجه نجاح وإنطلاق هذه المشروعات ومن بينها نقص الخبرات والمهارات، وضعف إمكانيات التطوير والتعامل مع الأسواق الخارجية، وضعف القدرة الإبتكارية، والبطء في تبني وسائل الإدارة الحديثة وتكنولوجيا المعلومات والإتصالات.
المشروعات الصغيرة والمتوسطة اليوم حجر الزاوية في الاقتصادات العربية
تشكّل المشروعات الصغيرة والمتوسطة اليوم حجر الزاوية في الاقتصادات العربية، حيث تمثل أكثر من 90% من جميع الشركات، وتتراوح مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات العربية ما بين 4 و40%، وهو ما يُظهر إمكانية قيامها بدور تنموي أكبر في بعض البلدان العربية إضافة إلى الدور المهم الذي تلعبه بالفعل في بلدان أخرى.
وبرأينا، يُمكن لقطاع مشروعات صغيرة ومتوسطة نَشِط، أن يلعب دوراً مهماً في مواجهة التحديات الاقتصادية للمنطقة العربية، وتقديم فرص الاستفادة من الموارد الديموغرافية لها. ففي حين ان معدلات بطالة الشباب تزيد على 20% في المنطقة العربية، وبما ان الشباب يشكلون حوالي ثلث السكان فيها، يمكن لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة المساهمة بشكل كبير جداً في ايجاد فرص العمل اللازمة لاستيعاب الشباب الداخلين إلى سوق العمل.
كما توجد فرص غير مُستغلة لتسخير إمكانات ريادة الأعمال للمرأة العربية عبر المشروعات اذ تشير التقديرات الى ان المنطقة العربية لديها واحدة من أدنى نسب المشروعات المملوكة للنساء، تصل نسبتها الى 14% مقابل متوسط عالمي 34%.
وما نلاحظه في إتحاد المصارف العربية هو ان الحصول على التمويل يُعدّ أحد المعوقات الرئيسية أمام تنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة العربية، والتي لديها أكبر فجوة في الشمول المالي في العالم. بإعتبار أنّ زيادة الشمول المالي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة العربية سوف يؤدي إلى مكاسب اقتصادية كبيرة، خاصة في النمو والتوظيف، إذ تشير الدراسات إلى أن زيادة وصول المشروعات في منطقتنا إلى التمويل بمستوى الاقتصادات الناشئة والنامية، سيؤدي إلى زيادة النمو بنسبة 1%، كما أن وصول المشروعات إلى التمويل الرسمي يمكن أن يؤدي إلى اضافة 8 ملايين وظيفة بحلول عام 2025.
وعليه، فإننا نرى أن دعم المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وتحسين الوصول إلى الخدمات المالية لتحقيق النمو الشامل، بالإضافة الى الموازنة بين النمو والمحافظة على البيئة، تصب جميعها في تحقيق الهدف الثامن للتنمية المستدامة، وهذا ما سيكون في صُلب إهتمامات وأولويات إتحاد المصارف العربية لرؤية 2030 للتنمية المستدامة.
المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي أكثر قدرة على الصمود في مواجهة المتغيّرات
أمام الأزمات الكثيرة والمتنوعة، وإنعكاساتها على الإقتصادات والتنمية، فقد أثبتت التجربة في دول العالم، كما في دولنا العربية، أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي أكثر قدرة على الصمود في مواجهة المتغيّرات والأزمات والتقلّبات الاقتصادية من المشروعات الكبيرة، فالنهوض بهذا القطاع وتفعيل دوره التنموي بصفة عامة، ودوره في إيجاد فرص عمل بصفة خاصة هو هدف محوري وهام في الدول العربية، نظراً لأهميّته في مكافحة البطالة ومساهمته في تخفيف الضغط عن أسواق العمل، نتيجة للعدد الهائل من الداخلين إلى سوق العمل، ولمساهمته في زيادة القيمة المضافة الصناعية، وتحسين تنافسية القطاع الإنتاجي، وتعزيز جهود الابتكار وتنويع الهيكل الاقتصادي.
أيّها الحضور الكريم،،،
يأتي مؤتمر إتحاد المصارف العربية في زمانه ومكانه اليوم ليحرّك الاهتمام ويدفع إلى التعامل مع هذا القطاع بإستراتيجيات مختلفة تؤدي إلى إنعاشه، مع العلم أنه لا يوجد حتى الآن إستراتيجيات عربية هامة على المستويين الوطني والإقليمي لتفعيل دور هذا القطاع إن لناحية الدعم أو التشجيع أو بالنسبة للتمويل.
ولسنا نبالغ في إدراج هذا المؤتمر ضمن لائحة المبادرات الإيجابية المطلوبة، فقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لم يعد فقط الركيزة الأهم في الإقتصادات المتقدمة، ومصدراً رئيسياً للنموّ، وإنما هو المعبر الحيوي للتنمية الشاملة، والمحطة النموذجية لإستقطاب الكفاءات والعمالة من كل المستويات. وهذان المؤشران هما الأساس في قياس مدى تقدّم المجتمعات والدول.
أجدّد شكري وتقديري لمعالي المحافظ طارق عامر ولمعالي المستشار مصطفى محمد الهم، وسعادة الدكتور إسماعيل عبد الغفار، وإلى الأخ الفاضل الأستاذ محمد الأتربي، وإلى السادة الخبراء والمتحدثين، وإلى المشاركين الكرام من مصارفنا المصرية الكريمة وكافة الدول العربية، آملين أن يخطو هذا المؤتمر خطوات متقدّمة على طريق تعزيز قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في منطقتنا العربية، وأن يحقق الأهداف المرجوة منه.
شكراً لإصغائكم،،،