رئيس الوزراء يستعرض مؤشرات الاقتصاد المصري بنهاية أغسطس
استعرض الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، تقريرًا بشأن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد المصري، التي تضمنها تقرير مؤسسة "موديز" العالمية الصادر نهاية شهر أغسطس 2020، وأبرزها تثبيت المؤسسة التصنيف الائتماني لمصر عند مستوى (B2)، مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصري، لافتة إلى أن هذا التصنيف يُعززه تنوع الاقتصاد المصري وكِبر حجمه، فضلًا عن امتلاكه لاحتياطيات نقد أجنبي تكفي لتغطية الالتزامات الخارجية المستحقة على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي إن ثقة هذه المؤسسة –وغيرها من المؤسسات الإقليمية الدولية– في أداء الاقتصاد المصري، في ظل معاناة دول كثيرة من تداعيات أزمة فيروس كورونا المُستجد، يعكس مدى فعالية الإجراءات والتدابير الحكومية المُتبناة.
مدبولي: ثقة «موديز» في أداء الاقتصاد المصري يعكس فعالية الإجراءات الحكومية
وأوضح التقرير الصادر عن مؤسسة "موديز" تمتع مصر بمستويات منخفضة نسبيًا للدين الحكومي الخارجي، وتوافر قاعدة تمويل محلية كبيرة، ما يدعم الوضع الائتماني المصري ويُعزز من قدرة الحكومة على السيطرة على الدين الحكومي.
وأشارت المؤسسة إلى ما تمتلكه مصر من سجل حافل في الإدارة المالية والاقتصادية وإدارة الديون ذات المصداقية والفعالية، وهي الخبرة التي من المرجح أن تقود إلى تحسن ملحوظ في القدرة على تحمل الديون وخفض الأعباء التمويلية الإجمالية، وجميعها عوامل تُسهم في رفع مستوى التصنيف الائتماني على المدى المتوسط.
وأضافت مؤسسة "موديز" العالمية أنه على مستوى القوة الاقتصادية (Economic Strength)، فحصلت مصر على تصنيف (A3)، وأرجعت هذه النتيجة إلى حجم السوق المصري الكبير، وتنوع الهيكل الاقتصادي، ما أسهم في توفير درجة مرتفعة من المرونة الاقتصادية خلال الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي بدأت في عام 2011.
"موديز" تثبت التصنيف الائتماني لمصر عند مستوى (B2)
ولفت التقرير أيضًا، إلى أن سياسة التعويم أدت إلى تحسين آفاق النمو في مصر مقارنة بالدول الأخرى، مؤكدة أن الاقتصاد المصري يحتل المرتبة المئوية (73) من بين جميع الحكومات التي تخضع للتصنيف، وفي المرتبة الثالثة بين أقرانهم من ذوي الدخل المحدود.
وتوقعت "موديز" خلال تقريرها أن تواصل مصر الاتجاه الصعودي في معدلات النمو الاقتصادي، حتى تصل تدريجيًا إلى المستويات التي حققتها قبل جائحة "كوفيد-19"، والتي تقدر بنحو (5.5%) على المدى المتوسط، رغم التأثير السلبي المتوقع على معدلات النمو خلال الربع الأخير من السنة المالية 2019/2020، وفي الربعين الأول والثاني من السنة المالية 2020/2021، على افتراض أنه سيتم احتواء الأزمة بعد ذلك على المستوى العالمي.
كما توقعت المؤسسة كذلك أن تكون مصر قادرة على تحقيق معدل نمو سنوي يقدر بنحو (3.2%) في العام المالي 2019/2020 و(2.4%) في العام المالي 2020/2021، على أن تصل معدلات النمو إلى نحو (5.3%) في السنوات التالية، لافتة إلى أن قطاعات السياحة، والتجارة، والتحويلات المالية كانت الأكثر تأثرًا بجائحة "كوفيد-19".
في المقابل، من المتوقع أن تسهم اكتشافات الغاز الجديدة في حقل ظهر في تحفيز الاستثمارات بقطاعات الطاقة وغيرها من القطاعات الأخرى.
وتقيس المؤسسة أيضًا قوة الأداء المؤسسي والحوْكمة في مصر، وهو ما يعكس مدى قدرة الدولة على سداد ديونها الخارجية، وتطبيق سياسات اقتصادية فعَّالة تضمن الوصول لمعدلات النمو الاقتصادي المستهدفة، وتحقيق الرخاء الاقتصادي، مشيرة في هذا الصدد الى أن مصر حصلت على تصنيف (b1)، إذ أشاد التق رير بالإصلاحات الاقتصادية والنقدية والمالية التي شهدتها مصر خلال السنوات الأربع الأخيرة منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي.
"موديز": مصر تتمتع بمستويات منخفضة نسبيًا للدين الحكومي الخارجي
في سياق متصل، أوضح التقرير حصول مصر على تقييم (b) فيما يتعلق بمؤشر جودة السلطة التشريعية والمؤسسات التنفيذية في مصر، والذي يعكس تحسنًا ملحوظًا فيما يتعلق بكفاءة الحكومة وقدرتها على تبني سياسات اقتصادية ومالية ناجحة، قائمة على حزمة متكاملة من الإصلاحات التي تم تنفيذها في إطار برنامج جاد للإصلاح الاقتصادي، كان من أهمها: تعويم الجنيه المصري، واستهداف التضخم، وتحرير سوق الغاز المحلي.
وفيما يتعلق بمؤشر فاعلية السياسات المالية المتبعة في مصر، أكد التقرير حصول مصر على تصنيف (ba) بما يعكس قدرة الدولة على تحقيق فوائض أولية للحكومة بدءًا من العام المالي 2019/2020، كما تستهدف الدولة تحقيق فائض أولى منخفض نسبيًا عن الفترات السابقة لحين انتهاء جائحة كوفيد-19، على أن تعاود بعد ذلك الوصول لمعدلات الفائض الأولى السابقة بشكل تدريجي، بما يقدر بنحو (2%). وساعد على ذلك تبني مصر للعديد من الإصلاحات الهيكلية من أهمها: تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتخفيض دعم الطاقة، إلى جانب خفض أسعار الفائدة تدريجيًا في إطار استهداف التضخم مع تبني سياسات تعويم سعر الصرف.
وفيما يتعلق بمؤشر فاعلية السياسات الاقتصادية الكلية والنقدية، أوضح التقرير حصول مصر على تصنيف (ba) أيضًا، وساعد على ذلك نجاح جهود إبقاء مستوى الأسعار مستقرًا نسبيًا منذ قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي في عام 2016 حتى يوليو من العام الماضي، لتسجل بعدها معدلات التضخم تراجعًا قياسيًا متتاليًا يتماشى مع النطاق المستهدف من قبل البنك المركزي المصري.
المؤسسة العالمية تتوقع أن تواصل مصر الصعود بمعدلات النمو حتى تصل للمستويات التي حققتها قبل جائحة كوفيد-19
وذكر التقرير أيضًا أن سعي الحكومة المصرية نحو دعم الإيرادات الحكومية بالتوازي مع التوسع في الإنفاق على إجراءات معالجة التبعات السلبية الناجمة عن جائحة كوفيد-19سيُسهم في الحد من التأثيرات المتوقعة للأزمة على إستراتيجية ضبط أوضاع المالية العامة، حتى لا تخرج عن المسار المُخطط لها.
وفيما يتعلق بفاتورة فائدة الدين، يتوقع التقرير أن تنخفض بالتوازي مع انحسار تداعيات الجائحة واستئناف النمو الاقتصادي، وهو ما ينعكس -بشكل خاص- في السياسة النقدية للبنك المركزي، التي وصفها التقرير بـ "المتشددة نسبيًا" حتى بعد خفض سعر الفائدة الحقيقي بنسبة 3.3% اعتبارًا من شهر أبريل الماضي.
كذلك، لفت التقرير الانتباه إلى أن مجموعة من العوامل أدت إلى الحد من مخاطر اتخاذ الإصلاحات التي تبنتها الحكومة خلال الفترة الماضية اتجاهًا مُعاكسًا خلال السنوات القليلة المقبلة، وفي مقدمتها الإجراءات الحكومية التي استهدفت توزيع عائدات النمو القوي قبل تفشِّي جائحة "كوفيد-19"، ودعم نشاط سوق العمل.
وأشارت المؤسسة أيضًا في تقريرها إلى أن مصر حصلت على 2.8 مليار دولار أمريكي (ما يمثل 0.8% من الناتج المحلي الإجمالي) لتمويل الاحتياجات الإضافية الناجمة عن جائحة "كوفيد-19"، بموجب أداة التمويل السريع في مايو الماضي من قِبل صندوق النقد الدولي، إضافة إلى 5.2 مليار دولار أمريكي (1.4% من الناتج المحلي الإجمالي) بموجب اتفاق الاستعداد الائتماني الجديد لمدة 12 شهرًا. كما أظهرت الحكومة -وفقًا لما تضمنه التقرير- قدرتها على النفاذ إلى أسواق رأس المال الدولية، عن طريق إصدار سندات بقيمة 5 مليارات دولار أمريكي (1.4% من الناتج المحلي الإجمالي)، في أكبر إصدار لها حتى الآن، والذي شهد طلبًا يتجاوز أربعة أمثال حجم المعروض.
المؤسسة العالمية تؤكد امتلاك مصر لاحتياطيات نقد أجنبي تكفي لتغطية الالتزامات الخارجية المستحقة على مدى السنوات الثلاث القادمة
في سياق متصل، صنف التقرير مخاطر القطاع المصرفي في مصر عند (ba)، ليؤكد التقرير أن هذا الأداء سيدعم حالة الاستقرار المالي العام للقطاع المصرفي، نتيجة لاستقرار التمويل المحلي، وتوافر وسيولة نقدية غزيرة بالعملة المحلية، إضافة إلى أن ثلثي استثمارات البنوك تأتي في هيئة سندات حكومية، وتيسير التعاملات النقدية، والإيداعات بين البنوك.
كما قيمت "موديز" مدى التعرُّض لمخاطر خارجية في مصر عند درجة (a)، مدعومة بصادرات الغاز الطبيعي الصافية التي تم استئنافها في عام 2019، والتي تعود بالنفع الهيكلي على مركز مصر الخارجي.
وفيما يتعلق بالحوْكمة البيئية والاجتماعية وحوْكمة الشركات، ألقى التقرير الضوء على سعى الدولة للاستغلال الأمثل لمياه النيل عن طريق إنشاء محطات تحلية المياه، وتطبيق قواعد صارمة لزراعة المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه، مثل: الأرز، وقصب السكر، من بين تدابير أخرى. كما تتفاوض الحكومة مع إثيوبيا والسودان بشأن فترة ملء سد النهضة الإثيوبي الكبير بمجرد اكتمال البناء.
وأخيرًا، لفت التقرير الانتباه إلى أن الحوْكمة تُعَدُّ أمرًا جوهريًا لتعزيز التصنيف الائتماني في مصر. وشهدت السنوات الأخيرة بالفعل تقدمًا كبيرًا في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية، ما أدى إلى تحسُّن ملحوظ في منظومة الحوْكمة.