ملخص لتقرير عن رؤية شركة CI Capital Asset Management للعام المقبل
ذكر تقرير نهاية العام لفريق الاستثمار بشركة CI Capital Asset Management أن البنك الفدرالي الأمريكي قد نجح في كبح جماح معدل التضخم – حيث انخفض من مستوى 7% في بداية العام الى حوالي 3% في الأشهر الأخيرة – ورغم ذلك لم يبدأ في خفض أسعار الفائدة من معدل 5.5% وهو الأعلى منذ أكثر من عشرون عاماً، حتى الآن.
ومع ذلك فقد بدأت أسواق المال، لا سيما سوق السندات وأدوات الدين الأمريكية بل وأسواق الأسهم العالمية في التنبؤ بشكل استباقي بالبدء في انخفاض أسعار الفائدة استناداً على المعطيات الاقتصادية. فقد هبط العائد على السندات الأمريكية طويلة الأجل على سبيل المثال دون مستوى 4% وارتفعت أسواق الأسهم الأمريكية والعالمية بشكل كبير خلال الربع الأخير لتسجل صعوداً يقارب 25% بنهاية العام 2023.
وحذر التقرير من وجود عنصر قد يسبب بعض اللبس عند صانع القرار الأمريكي، بل قد يعطل بدء اتجاه الهبوط في أسعار الفائدة، وهو قوة سوق العمل في الولايات المتحدة حيث أن معدلات البطالة مازالت منخفضة مقارنة بالمعدلات الطبيعة تاريخياً. ولكن أكد التقرير رؤيته بانه عاجلاً أم آجلاً سيتأثر سوق العمل بسعر الاقتراض ودورية الاقتصاد، خاصةً مع خفض مؤسسات عالمية مثل صندوق النقد الدولي توقعاتها للنمو الاقتصادي العالمي في الفترة المقبلة الى 2.9% وهو معدل أقل بقدر كبير من المتوسط المعتاد خلال العقود الأخيرة. ورغم تأثر أسواق المال سلباً بأي تباطؤ اقتصادي الا أنها ما تلبث وتبدأ في الترحيب بالسياسات النقدية التوسعية التي عادةً تأتي لتحفيز النمو مرة أخرى.
سوق السلع الأساسية
أما عن سوق السلع الأساسية، فنوه التقرير عن وجود عوامل جديدة أثرت على الأسعار من عدة اتجاهات. فهبوط سعر النفط هذا العام رغم تقييد الإنتاج من قبل الدول المنتجة له ينذر بتباطؤ اقتصادي قادم، ولكن صمود أسعار المعادن بشكل عام يشير الى نشوب طلب جديد ومتزايد على بعد المعادن دون أخرى لا سيما تلك التي تستخدم في تحويل مجالات صناعية وانشائية واسعة الى الكهرباء – أو ما يسمى "كهربة الاقتصاد" – أما أسعار السلع الغذائية فتأثرت بشكل كبير بضعف الحصاد والذي كان سببه في أحيان كثير سوء الأحوال الجوية، وهو ما يعطي أهمية أكبر للنقاشات الدائرة بين السياسيين ورواد الأعمال عن آثار التغييرات المناخية.
في حال أن بدأت أسعار الفائدة في الولايات المتحدة في الهبوط فمن المتوقع هبوط الدولار الأمريكي أيضاً أمام العملات الأخرى والتي ضعفت أمام الدولار بشكل ملحوظ خلال الأعوام الماضية، وهو ما سيأتي بمنافع للأسواق الناشئة والتي تأثرت سلباً في الآونة الأخيرة بنزوح المستثمرين هرباً الى الملاذ الآمن. ورأى التقرير أن تقييمات الأسهم في الأسواق الناشئة بشكل عام – بعيداً عن التحديات الصعبة في دولة الصين على وجه التحديد – والعائد الحقيقي الموجب المعروض الآن في أسواق دين الدول الناشئة، وهو ما قد يتسع مع استقرار معدلات التضخم – تنذر باهتمام متزايد من قبل المستثمرين في الفترة القادمة.
وأشار التقرير الى مدى تأثر بعض البلاد الناشئة بأزمة الثقة بين المستثمرين التي لحقت الموجة التضخمية مع نشوب الحرب في أوكرانيا بداية العام 2022، وأخص بالذكر تركيا ومصر، حيث سجل التضخم في البلدين حوالي 60% و35% في المائة على التوالي، واستشهد بمصر على وجه التحديد كمثال لسوق تأثر بمخاوف تحولت الى "تنبؤ يحقق نفسه،" فمع نزوح الاستثمارات الأجنبية المفاجئ في بداية الأزمة العالمية، نجح المسؤولين المصريين في خفض العجز التجاري في وقت سريع بل ولم تتأخر الحكومة المصرية في تلبية أي التزامات خارجية خلال العام، ورغم ذلك توالت التقارير السلبية وتم خفض تقييم مصر الائتماني – استناداً لما وصف ببطء الحكومة في تنفيذ حزمة من الإصلاحات المطلوبة – وهبطت أسعار الأصول المصرية، وكذا سعر صرف العملة المحلية والسندات بما فيها السندات الدولارية. ونتج عن كل ذلك وصول العائد على سندات مصر الدولارية الى 17-18%، وهو عائد أعلى من العائد الذي كانت تقدمه سندات مصر بالعملة المحلية قبل عام ونصف فقط! ومع تحسن نظرة المستثمرين، – وهو ما بدء حدوثه بالفعل خلال الأشهر الأخيرة، حيث تحسنت أسعار سندات مصر الدولارية لتحقق عائد يقارب 13-14%، وقد يستمر خاصة اذا حدث بالفعل تغيير في السياسة النقدية الأمريكية، قد يكون هناك فرصة استثمارية واعدة في مثل هذا السوق والذي تأثر كثيراً بالأزمة الأخيرة.
ووصف التقرير النزاعات المتصاعدة في العالم، كالحرب الدائرة الآن في غزة والتي قد تمتد الي الإقليم لا سيما منطقة البحر الأحمر الحيوية تجارياً، واستمرار الحرب الروسية الأكرانية، ودق طبول الحرب في تايوان من قبل الولايات المتحدة في شكل معونات عسكرية، وبأنه بمثابة خطر غير مرغوب به قد يغير نظرة العالم لاستمرار اتجاه معدلات التضخم هبوطاً.
واخيراً عبر التقرير عن بعض الاندهاش لما ناله مجال الذكاء الاصطناعي من اهتمام متزايد بل ومخاوف لدى المتابعين لهذا الأمر، واصفاً ولادة تطبيقات الذكاء الاصطناعي حديثاً بأنها لم تأتي بجديد ملحوظ حتى الآن وأنها امتداد طبيعي للتكنولوجيا المتاحة في العالم، وأن التطور التكنولوجي هو سنة الحياة ودائماً ما يأتي بما هو مفيد وأحياناً مزعج للبشرية.